كما وصفها رائد القصة أحمد بوزفور
هكذا إذن،
تنفست مدينة مشرع بلقصيري هذه النبتة التي استغرقت مدتها ثلاثة أيام 27، 28، 29
يونيو 2025، فوفرت المناخ الأفضل لتكرار الحدث الكبير المتجلي في تنظيم المهرجان
الوطني السادس عشر للقصة القصيرة دورة الكاتب "أبو يوسف طه"، تحت شعار: "القصة
المغربية تجارب وأجيال". والجهة المنظمة كالمعتاد: "جمعية النجم
الأحمر للتربية الثقافة والرياضة والتنمية الاجتماعية"
في ظل أجواء حارة اقتربت فيها درجة الحرارة إلى الخمسين، وتقلصت لتصبح ملائمة داخل فضاء المركز الثقافي التابع لمديرية لثقافة بمشرع بلقصيري، انطلقت فعاليات المهرجان الوطني لمشرع بلقصيري بافتتاح أنيق يليق بسمعة جمعية حملت على عاتقها مشعل المحافظة على هذا النوع الأدبي الراقي"فن القصة القصيرة"، وساهمت في تطويره.
تميز اليوم الأول بافتتاج معرض فني للخط، وبكلمة الفنان التشكيلي "مصطفى الخروفي أجماع "، قبل أن يلتحق الحضور بقاعة العرض، حيث كانوا على موعد مع حفل افتتاحي شيق، شاركت فيه "فرقة يافا" برئاسة الموسيقار"رضوان قدوري"، إضافة إلى إلقاء كلمات تناوب عليها كل من رئيسة الجمعية الدكتورة "تورية بدوي"، التي أكدت فيها على أهمية هذا المهرجان الذي أصبح تقليدا سنويا ومحطة مضيئة في المشهد الأدبي الوطني، تلتها كلمة المجلس الجماعي لمشرع بلقصيري وكلمة مدير المركز الثقافي، واختتمت بإلقاء كلمة بمناسبة "اليوم الوطني للقصة"، ألقاها القاص "محمد الشايب". مباشرة بعد الكلمات ثم عرض فيديو مقتضب تضمَّن المحطات الأساسية لمسيرة المحتفى به "أبو يوسف طه". وختم بقراءة إحدى قصصه القصيرة من طرف القاصة "ربيعة عبد الكامل"، تلتها لحظة تكريم المحتفى به.
عرف اليوم الثاني للمهرجان في فترته الصباحية تنظيم الجلسة النقدية الأولى كان محورها: "مميزات الكتابة القصصية عند أبو يوسف طه"، أطرها نقاد القصة القصيرة: أحمد اللوزي، عز الدين المعتصم، محمد الكويندي، أحمد بهيشاوير وعبد الجليل الشافعي"؛ تسيير القاص "محمد الشايب"، حيث قدموا قراءات في أعماله ومسيرته الابداعية، ذيلت بنقاشات عميقة حول التجربة الابداعية للمحتفى به "أبو يوسف طه" وأثرها على المشهد السردي المغربي.
في الفترة المسائية، كان لعشاق القصة القصيرة موعداً مميزاً مع أصوات قصصية بارعة حجّت من مختلف جهات المملكة لتقديم باقات من أجود قصصهم، التي تردد صداها في أرجاء قاعة العرض الأنيقة، حيث تم توزيع المبدعون إلى ثلاث مجموعات تخللتها معزوفات موسيقية من إبداع الفنان "جهاد البدوي".
المجموعة الأولي: ليلى بارع، صخر المهيف، ربيعة عبد الكامل، محمد الشايب، سعيد منتسب، أحمد شكر، زهير البوعزاوي، مصطفى أجماع.
المجموعة الثانية: فاطمة الزهراء المرابط، مريم لحلو، رشيد أمديون، سعيد قراري، علي بنسعود، مصطفى المودن، سعيد الملوكي، إدريس الواعيش، بوشعيب عطران، رضى سفيان.
المجموعة الثالثة: محمد الحاضي، ليلى مهيدرة، محمد حفيضي، عبد الجليل الشافعي، محمد مجعيط، المطصفى كيلتي، عبد السلام الجباري، فاطمة كطار، تورية بدوي.
لم تننه نبتة الظل بعد، وكان مسكها في اليوم الثالث مع ندوة فكرية نقدية هامة بعنوان: "القصة المغربية ومفهوم الجيل" شارك فيها الأساتذة النقاد: سعيد متنسب، جمال الفقير، عزيز الحويدق، محمد صولة ورشيد برقان. أدار الجلسة القاص محمد الحاضي.
وقد عرفت هده الجلسة النقدية كسابقتها نقاشا رزينا مستفيضاً، تجلت فيه عبقرية كُتاب القصة القصيرة ونقادها وروادها بمداخلاتهم القيمة، كشفت عن الظاهر والخفي في الكتابة السردية عموما والقصصية على سبيل الحصر، مع النبش في التجارب الإبداعية لأجيال مختلفة من كتاب القصة القصيرة،
مهرجان مشرع بلقصيري للقصة القصيرة في دورته السادس عشر حقق المطلوب شكلا ومضمونا. مهرجان أكّد صحوته وثبّت مكانته في المشهد الأدبي المغربي بفعل إصرار عضوات وأعضاء الجمعية على خلق الحدث بامتياز، وقد كسبوا الرهان بتحديهم للعقبات وصمودهم وتعاونهم على الرغم من شح الامكانيات، وانعدامها أحيانا. وكم أخجلتني الأستاذة الجامعية "ثورية بدوي" رئيسة الجمعية، عندما حلت فجأة بغرفة إقامتنا، بعد تلقيها خبر حدوث طارئ في تزويد الغرفة بالماء. ولم يهدأ لها بال، حتى عالجت الأمر وتفوهَّت وهي تغادر الغرفة مبتسمة: "لنا كل الفخر أن نكون في خدمة الأدباء والأديبات، نحن هنا في خدمتكم"
ومن الطبيعي أمام هذه الروح الايجابية لجميع أعضاء وعضوات جمعية النجم الأحمر، أن يصبح مهرجان القصة القصيرة بمشرع بلقصيري محجّاً سنوياً للمتيمين بالقصة القصيرة وروادها. ويزيد من النضج الفكري والنقدي والتحفيز على الكتابة السردية بكل تجلياتها، خاصة مع بروز منافس رقمي فتاك.
محمد مجعيط
كاتب وقاص